مقدمة :
مع تضاعف عدد سكان مصر خلال الأربعون سنة الماضية بأكثر من مرة ونصف ، و تزايد الكثافة السكانية في المناطق الحضرية وخصوصا في المدن الكبيرة ، وتغير الأنماط الإستهلاكية في الحضر والريف على حد سواء ، تفاقمت العديد من الضغوطات على البيئة والصحة العامة ومنها مشكلة المخلفات الصلبة التي ظهرت أعراضها الضارة بوضوح شديد على مختلف أرجاء البلاد .
فقد أصبحت النظم التقليدية القائمة على إدارة المخلفات غير قادرة على تلبية احتياجات المجتمع بمختلف شرائحه من حيث تحقيق مستوى مقبول من النظافة وتقليص المخاطر الصحية والانعكاسات البيئية السلبية وتوفير المظهر الحضارى العام للبلد ؛ حيث لم تتعدى كميات المخالفات التي يتم جمعها في أحسن الظروف 77% من المخلفات المتولدة وتراكمت كميات كبيرة من المخلفات في الشوارع والأماكن الخالية بين العمارات بالإضافة إلى انتشار المقالب العشوائية في عدة أماكن حيوية ، وأصبح الحرق المكشوف للمخلفات كوسيلة للتخلص منها يشكل أحد أهم مصادر تلوث الهواء في مصر.
وهنا كان لا بد للحكومة أن تأخذ موقف حازم وجاد لإيجاد الحل المناسب لهذه المشكلة المتفاقمة وتطبيق الإدارة المتكاملة لإدارة المخلفات والتي بدأت أولى خطواتها عام 2001.
الضغوط المؤثرة على إدارة المخلفات البلدية الصلبة في مصر:
تتمثل أهم الضغوط المؤثرة على إدارة المخلفات الصلبة في مصر زيادة كميات المخلفات المتولدة نتيجة لزيادة عدد السكان من جهة وتغير الأنماط الإسستهلاكية في المدن والقرى على حد سواء من جهة أخرى بالإضافة إلى قلة الوعي وسوء التعامل مع المخلفات الصلبة عموماً.
كما تشير مختلف الدراسات التي أجريت خلال العقدين الماضيين في عدد من المحافظات والمدن في مصر إلى انخفاض ملحوظ في كفاءة جمع المخلفات البلدية الصلبة ، والتي قد تنعدم تماما في بعض المناطق القروية . وقد ترتب على ذلك تراكم كميات كبيرة من المخلفات في الشوارع ، والساحات الخالية بين العمارات .
بيانات عن تقدير النسبة المؤية لكميات المخلفات البلدية الصلبة
وهكذا فقد تراكمت كميات كبيرة من المخلفات فى أنحاء متفرقة من المدن والأماكن المأهولة عبر السنين الماضية وأصبحت بؤر للتلوث البيئي و تشكل ضغوطا كبيرة على صحة الإنسان والبيئة . إذ تتحلل هذه المخلفات وتؤدي إلى انتشار الروائح الكريهه والحشرات والقوارض المسببة للأمراض والمظهر المؤذى للبصر ، وخصوصا في المناطق السكنية المجاورة لها ، فضلاً عن كونها عرضه للاشتعال الذاتى أو الحرق المتعمد المكشوف وما يترتب على كل ذلك من انبعاثات للأتربة العالقة في الجو والغازات السامة والدخان .
بيانات عن كميات المخلفات المتراكمة
وجارى القيام بمعاينات للمحافظات الأخرى لتقدير التراكمات بالمحافظات الأخرى المصدر: جهاز شؤون البيئة .
هذا بالإضافة عدم كفاءة طرق مداولة المخلفات من الجمع والنقل وإعادة التدوير والمعالجة . إذ تتسم أغلب الأساليب المستخدمة بانخفاض الكفاءة و تشكل خطر على العمال والمواطنين والبيئة بشكل عام . كما يتم التخلص النهائى من المخلفات فى أغلب الأحيان فى مقالب مكشوفة أو أماكن غير مخصصة أو مجهزة لهذا الغرض ، و تكون معرضة لتكاثر الحشرات والقوارض وانتشار الحرائق والمخاطر البيئية المختلفة . كما تسهم سلوكيات الأفراد والمؤسسات وقلة وعيها البيئي والصحي إسهاما كبيرا في تفاقم هذه المشكلة.
وضع المخلفات الصلبة في مصر
كميات تولد المخلفات:
تقدر الكمية الإجمالية لتولد المخلفات الصلبة في مصر من 63- 69 مليون طن سنوياً حسب تقديرات عام 2000 ، وهي تشمل؛ المخلفات البلدية الصلبة (القمامة)، المخلفات الصناعية، المخلفات الزراعية، الحمأة الناتجة عن عمليات معالجة الصرف الصحي، مخلفات المستشفيات، مخلفات الهدم والبناء ، بالإضافة إلى مخلفات تطهير الترع والمصارف .
ويبين الجدول التالي الكميات المختلفة لأصناف هذه المخلفات كما ورد في الوثيقة الإرشادية لمنظومة المخلفات الصلبة في مصر الصادرة عن جهاز شؤون البيئة عام 2001.
النسب المؤية للمخلفات الصلبة
المخلفات البلدية الصلبة (القمامة)
تشمل المخلفات البلدية الصلبة (القمامة) على فضلات المساكن (حوالي 60%) ، والمحال والأسواق التجارية ، والمؤسسات الخدمية كالمدارس ومعاهد التعليم ، والمرافق والمستشفيات والمنشآت الإدارية ، والشوارع ، والحدائق ، والأسواق والفنادق، ودور الترويح . كما تشمل أيضا على مخلفات بعض المصانع الصغيرة والمخيمات والمعسكرات .
النسب المؤية لمحتويات المخلفات البلدية الصلبة
وتختلف نسبة تولد النفايات البلدية الصلبة من منطقة إلى أخرى كما ونوعا حسب خصائص المجتمع وظروفه واختلاف الأنماط الاستهلاكية والسلوكية فيه و تفاوت مستويات الدخل ؛ ففي المناطق ذات الدخول المنخفضة ينخفض تولد المخلفات الصلبة فيها ليصل إلى أقل من 0.3 كجم/فرد/يوم ، بينما تزيد نسبة المواد العضوية في المخلفات المتولدة . أما في المناطق ذات الدخول المرتفعة يرتفع تولد المخلفات الصلبة إلى ما يزيد عن 1كجم/فرد/يوم وتقل نسبة المخلفات العضوية على حساب المواد القابلة للاسترجاع مثل الورق، والبلاستيك ، والزجاج ، والمعادن ، وغيرها
التوزيع الإقليمى للمخلفات الصلبة البلدية بالمناطق الريفية
النظم الريئيسية لإدارة المخلفات البلدية الصلبة في مصر:
النظم الأساسية التقليدية التي تتعامل مع المخلفات الصلبة هي:
1. النظام الحكومى:
وفيه تقوم المحليات أو هيئات النظافة ( القاهرة ، والجيزة ) بتجميع ونقل المخلفات البلدية من الشوارع وصناديق القمامة والحاويات العامة ، والإشراف على المقالب العمومية ، وكذلك تشغيل مصانع السماد العضوى إما مباشرة أو عن طريق القطاع الخاص.
2. نظام الزبالين التقليدى:
والذى يرجع إلى أوائل القرن الماضى ، ويقوم فيه الزبالون بجمع القمامة من الوحدات السكنية وبعض المنشآت التجارية ، ونقلها بوسائلهم الخاصة إلى مجتمعاتهم ، لفرزها وإعادة تدويرها . ومع أن ظروف العمل و الطرق المستخدمة ، والتي تتسم بانخفاض التكلفة إلى أدنى الحدود ، لا تتوافق مع المتطلبات الصحية و البيئية ، إلا أنها تعتبر خدمة جيدة نسبيا من وجهة نظر العميل . كما يحقق هذا النظام أقصى درجات الاسترجاع الممكنة والتي قد تصل إلى 80% من كميات القمامة التي يجمعها الزبالون ، والتي تقدر في القاهرة بحوالي 3000 طن يوميا (حوالي 30% من الكميات الكلية المتولدة يوميا).
3. الشركات الخاصة المحلية:
والتى تعمل فى جمع ونقل القمامة في عدد من المدن المصرية ، وهى تمثل نموذجاً مطوراً لنظام الزبالين يعمل فى مناطق محدودة تحت إشراف ورقابة المحليات أو هيئات النظافة ، ويتم التخلص النهائى من المخلفات إما فى مجتمعات الزبالين أو المقالب العمومية .
النظام المتكامل لإدارة المخلفات البلدية الصلبة:
منذ عام 2001 اتجهت الحكومة نحو تعزيز مشاركة شركات القطاع الخاص فى عملية النظافة والإدارة المتكاملة للمخلفات الصلبة في مصر والتي نصت عليها الاستراتيجية القومية لإدارة المخلفات الصلبة في مصر عام 2001 . ويقوم النظام الحديث على خصخصة إدارة المخلفات وحصر دور هيئات الدولة في الرقابة مع تطبيق فلسفة مشاركة المواطبين في تحمل تكاليف خدمة النظافة من خلال إضافة نسبة بسيطة على فاتورة الكهرباء .
و فعلاً فقد قامت بعض المحافظات بالتعاقد مع الشركات العالمية والإقليمية ذات الخبرة الواسعة في هذا المجال لتوفير الإمكانيات والاساليب التقنية والفنية الحديثة اللازمة في كافة مراحل منظومة إدارة المخلفات من جمع ونقل وإعادة تدوير والتخلص النهائي في مدافن محكمة أو صحية ، وذلك ابتداءاً من عام 2001 .
الشركات التي تم التعاقد معها
مصانع تدوير القمامة وإنتاج السماد العضوى
( الكمر/ Composting)
تعتبر تكنولوجيا الكمر الهوائي في مصفوفات مع استرجاع المفروزات من التكنولوجية المناسبة للظروف المصرية ، ولهذا تم التوصية بها في الاستراتيجية القومية للمخلفات الصلبة لعام 1992. وبناء عليه تم حسب خطة مدروسة مع وزارة التنمية المحلية ووزارة الإنتاج الحربى متمثلة فى المصانع الحربية إنتاج خطوط إنتاج خاصة بتدوير القمامة والمخلفات لإنتاج سماد عضوى محسن للتربة ، واسترجاع مكونات المخلفات الأخرى كالبلاستيك والزجاج والورق وغيرها.
وبالتالي تم تطوير وتصنيع عدد من وحدات الكمر محليا والتي بلغت 53 وحدة حتى عام 2003 ، بطاقة تصميمية إجمالية قصوى حوالي 8520 طن/يوم ، أي تستوعب حوالي 21% من كمية المخلفات البلدية الصلبة الكلية المتولدة في اليوم.
ولكن مصانع كمر القمامة هذه ، حالها كحال مصانع الكمر في كثير من الدول الأخرى ، تجابه العديد من المشاكل والمصاعب ، سواء في الإدارة أو التشغيل أو التسويق ، نتيجة لبعض الصعوبات فى عمليات فرز المخلفات وانخفاض كفاءة التشغيل ، وبالتالي قلة جودة السماد العضوى المحسن المنتج.
مصانع تدوير القمامة وإنتاج السماد العضوي
أهم التحديات في إدارة المخلفات الصلبة في مصر:
تواجه إدارة المخلفات الصلبة في مصر عدة تحديات من أهمها:
1. إزالة التراكمات التاريخية الهائلة في مختلف المدن والقرى في مصر والتخلص منها في أماكن آمنة صحيا وبيئيا .
2. القضاء على المقالب العشوائية والمكشوفة.
3. القضاء على ممارسات حرق المخلفات ولا سيما المخلفات الزراعية .
4. تطبيق المنهج الشامل والمتكامل والمستدام لإدارة المخلفات الصلبة بحيث تتوافق حلقاته ومكوناته ويضمن سلاسة التدفق وسلامة التنفيذ.
5. إحكام عمليات الرصد والرقابة على الشركات المتعاقد معها لإدارة المخلفات في المحافظات المختلفة.
6. رفع الوعى البيئى العام وسوء السلوكيات فى التعامل مع المخلفات .