تعتمد هذه المعالجة على التحلل الحيوي للمواد العضوية الموجودة في النفايات في وسط يحوي كمية كافية من الهواء لإنجاز التحلل، وينتج عن نشاط الأحياء الدقيقة المسؤولة عن التحلل ارتفاع في درجة حرارة النفايات لدرجة تموت فيها الجراثيم الممرضة وبذور الأعشاب الضارة وبيوض الديدان المعوية والحشرات. و ينتج عن عملية التحويل منتوج يتصف بكتلة حجمية منخفضة نسبياً و شبه ترابي يحتوي على عناصر خصبة كالنترات والفوسفور والبوتاسيوم، ويمكن أن يضاف هذا المنتوج إلى التربة لتحسين خواصها الزراعية.
تعد هذه العملية أكثر عمليات التحويل الحيوي للنفايات استعمالا حيث يتم تحويل النفايات الصلبة العضوية إلى مواد عضوية أكثر ثباتاً تُـسمى الكمبوست. و تحت ظروف تشغيلية مثالية فانه يمكن تخفض حجم النفايات بمقدار 40%. و يوجد في سورية عدد من المصانع لإنتاج المواد المحسنة للتربة من النفايات العضوية البلدية، لكن لم يعد يشغل منها سوى معمل دمشق. وحسب المخطط التوجيهي لإدارة النفايات الصلبة في سورية والذي أعدته شركة تريفالور الفرنسية سيتم إنشاء 22 معملاً في سوريا لتحويل نفايات إلى كومبوست ومنها معملين في محافظة حلب الأول في مدينة حلب والثاني في مدينة منبج. و يصل عدد معامل تحويل النفايات إلى كومبوست في ألمانيا إلى حوالي 270 معملاً.
2 ـ مراحل سير العمل في تحويل النفايات إلى كومبوست:
نميز في عملية تحويل النفايات إلى محسنات التربة عدة مراحل:
أ ـ فصل المواد غير القابلة للتحلل الحيوي (المرفوضات) وخاصة المعادن والزجاج والتي قـد تضر بجهاز فرم النفايات، والمواد البطيئة التحلل مثل البلاستيك و المطاط و الجلود.
ب ـ فرم النفايات العضوية القابلة للتحلل الحيوي بهدف زيادة السطح النوعي للمواد العضوية وبالتالي تسهل وتسرع مهمة الأحياء الدقيقة في تفكيك المادة العضوية.
جـ ـ التخمير الهوائي للنفايات المفرومة، ويتم بتأمين الهواء اللازم وأحياناً الماء و العناصر الغذائية الضرورية لنمو الكائنات الدقيقة التي ستقوم على تفكيك المواد العضوية.حتى تتمكن الأحياء الدقيقة من إنجاز عملية التحلل بكفاءة عالية.
د ـ إنضاج نهائي لمحسنات التربة الناتجة (الكومبوست) لإيصالها إلى استقرار في درجة الحرارة ولتحويل كامل الأمونيوم إلى نترات، ولخفض حاجتها للأكسجين.
هـ ـ فرز المادة الناتجة (الكومبوست) حسب الطلب، والمرحلة الهامة في حلقة الفرز هي مرحلة النخل، والجزء ذو الأبعاد الكبيرة يعتبر منتوج من الدرجة الثانية، ويبين الشكل 1 مراحل سير العمل في تحويل النفايات إلى محسنات التربة بالأسلوب الطبيعي وبأسلوب التخمر المسرع.
قد تنفذ عملية استرجاع المواد الحديدية بالمغناطيس الكهربائي بعد عملية فرم النفايات بغية الحصول على مواد حديدية تحوي القليل من الشوائب، حيث أن الاسترجاع قبل الفرم سيؤدي للحصول على مواد حديدية غنية بالشوائب كأكياس البلاستيك وغيرها. بيد أن فرم المواد الحديدية بالمطحنة ذات المطارق سيؤدي إلى استهلاك المطارق مع الزمن وبالتالي يجب أخذ استبدال المطارق بعين الاعتبار.
3 ـ العوامل المؤثرة على تحويل النفايات إلى كومبوست:
تتأثر حركية التحلل الحيوي الهوائي للنفايات، وبالتالي سرعة إزالة الآثار الضارة للنفايات ، ونوعية الكومبوست الناتج عن العملية بعدة عوامل أهمها:
أ ـ تركيب النفايات المعدة للمعالجة، وخاصة نسبة الكربون إلى الآزوت والتي لها تأثير أساسي على عملية التحويل فالكائنات الحية الدقيقة بحاجة للآزوت لتكاثرها وبناء خلاياها وتستخدم الكربون الحيوي كمصدر للطاقة، وتحتاج البكتريا في مراحل النشاط الحيوي إلى حوالي 20-30 جزءاً من الكربون لكل جزء آزوت، وبالتالي النسبة المثلى للكربون إلى الآزوتC/N بين 20/1 و30/1.
وإذا كانت كمية الكربون في النفايات الصلبة أكثر من المشار إليه فإن تحلل المواد العضوية سيتباطأ بشكل كبير، ولتنشيط عملية التحويل في هذه الحالة يمكن إضافة الحمأة الناتجة عن محطة معالجة مياه الصرف الصحي الغنية بالمركبات الآزوتية، أي تنفذ معالجة مشتركة للنفايات البلدية والحمأة. وفي هذه الحالة يفضل إنشاء مصنع الكومبوست بجوار محطة معالجة مياه الصرف الصحي لتخفيض تكاليف نقل الحمأة إلى مصنع الكومبوست.
ب- أبعاد المواد المراد هضمها: يزداد معدل التحلل الحيوي كلما قل حجم المواد العضوية. و يتراوح المقاس الأمثل للمـواد في عملية التحلل الهوائي للنفايات الصلبة ما بين 3 إلى 10 سم.
ج ـ معدل الرطوبة: يتعلق نشاط العملية البيوحرارية لتحويل النفايات إلى كومبوست بمعدل رطوبة النفايات، وذلك لأن البكتريا المشاركة بعمليات التحويل تتغذى على المواد الموجودة في النفايات بشكل محاليل مائية، نسبة الرطوبة الأفضل أثناء عملية التحلل الحيوي ما بين 45% إلى 65%.. لذلك يفضل أن لا ينقص معدل الرطوبة في النفايات عن %35 ويمكن زيادة معدل الرطوبة عن طريق إضافة ماء أو الحمأة الناتجة من معالجة مياه الصرف الصحي الغنية بالماء و المواد العضوية للوصول إلى النسبة المثلى لعملية التحلل الحيوي ، أما زيادة معدل الرطوبة على 70% فتؤدي لقلة كمية الهواء الموجود في كتلة النفايات، ونتيجة لذلك قد تتحول عملية التحلل إلى البكتريا اللاهوائية والتي يرافق نشاطها تصاعد غازات كريهة الرائحة، ولا يحصل ارتفاع في درجة الحرارة أثناء التحلل إلى الحد اللازم للقضاء على الجراثيم الممرضة وبذور الأعشاب الضارة. لتصحيح تأثير زيادة معدل الرطوبة يلزم تقديم كميات أكبر من الهواء خلال عملية التحويل إلى كومبوست.
د ـ درجة الحرارة : تعتبر درجة الحرارة في كومة النفايات الخاضعة للتحويل مؤشراً لمراحل التحويل. تبدأ عملية التحلل في درجة الحرارة المحيطة بنشاط ونمو للبكتريا الأليفة للحرارة المعتدلة Mesophilicالتي تساعد على أكسدة الكربون وتحويله إلى ثاني أكسيد الكربون، وينتج عن ذلك إطلاق كمية كبيرة من الحرارة، وتصل بصورة عامة درجة الحرارة في النفايات الخاضعة للتحويل إلى 45 مئوية خلال عدة أيام، وهذا يمثل حد الحرارة المحتملة لدى البكتريا الأليفة للحرارة المعتدلة. و تتحول العملية عند درجة الحرارة هذه إلى البكتريا الأليفة لدرجات الحرارة العالية Thermophilic ، وتستمر الحرارة في الارتفاع ، وتتم معظم هذه المرحلة في درجة حرارة تتراوح ما بين 55 و70 مئوية. وعندما تنخفض نسبة المواد العضوية القابلة للتحلل تميل درجة الحرارة للانخفاض التدريجي، وتواصل عملية التحلل فعلها التحليلي ببطء حيث تبدأ المواد الصعبة التحلل مثل الخشبين Lignin بالتحلل.
هـ ـ الرقم الهدروجيني للمواد العضوية في النفايات: تفضل البكتريا التي تعيش في النفايات الصلبة رقماً هيدروجينياً معتدلاً، وبما أن البكتريا هي المساهم الأول في بداية عملية تحويل النفايات إلى كومبوست كان لابد من توفير وسط ملائم لهذه البكتريا. وبالرغم من كون الرقم الهيدروجيني في النفايات الصلبة حامضياً أحياناً PH) حوالي 6) فإن عملية التحويل تتم بشكل جيد وذلك يعود إلى تشكل الامونيوم في بداية التحويل وتعديله للحموضة، أي أن قيمة PH النفايات مثلها مثل درجة الحرارة تتغير مع زمن التحلل والتحويل، حيث ينخفض ال PH في الأيام الثلاثة الأولى إلى حوالي 5 نتيجة لتشكل حموض عضوية بسيطة، حيث تكون درجة حرارة كتلة النفايات أقل من 37 مئوية وتتضاعف البكتريا الأليفة لدرجة الحرارة المعتدلة. وبعد ذلك تبدأ درجة الحرارة بالارتفاع كما يبين الشكل .. لتصل إلى مرحلة تواجد البكتريا الأليفة لدرجات الحرارة العالية ويرافق ذلك ارتفاع ال PH في كتلة النفايات إلى حوالي 8. إذا لم تكن التهوية كافية ستحدث ظروف لا هوائية وستنخفض قيمة ال PH إلى حوالي 4.5 وبالتالي ستتأخر عملية التحويل إلى كومبوست. والرقم الهيدروجيني يجب أن لا يزيد على 8.5 لتنقيص ضياع الآزوت على شكل نشادر، إن الرقم الهيدروجيني في النفايات الصلبة البلدية ملائم للتحويل بشرط عدم إضافة النفايات الصناعية ذات الرقم الهيدروجيني المتطرف.
و ـ عدم وجود مواد سامة: إن وجود المواد السامة كالمعادن الثقيلة (رصاص، زئبق، كادميوم ....) بشكل منحل وبتركيزات مهمة في النفايات يحد من كفاءة عملية التحلل ويوقف نشاط البكتريا، لذلك تفصل البطاريات وحبابات الإنارة الفلورسانت ومقاييس درجات الحرارة الزئبقية عن النفايات المعدة للتحويل إلى كومبوست. كما أن تسرب المواد السامة إلى الكومبوست يـؤدي إلى انتقال هذه المواد السامة إلى الإنسان عن طريق السلاسل الغذائية .
من أهم مواصفات الكومبوست الجيد خلوه من الأحياء الممرضة وبذور الأعشاب الضارة. وإن موت الأحياء الممرضة يتبع لدرجة الحرارة ولمدة التعرض لهذه الدرجة من الحرارة.كمثال بكتريا السالمونيلا لا تنمو عندما تزيد درجة الحرارة على 46 مئوية، وتموت خلال 30 دقيقة عندما تتعرض لدرجة حرارة بين 55 و 60 مئوية، ويقضى عليها خلال عشرين دقيقة فقط عندما تزيد درجة الحرارة على 60 مئوية، و بكتريا الأشيرشيا الكولونية تموت خلال ساعة في درجة حرارة 55 مئوية وتموت خلال عشرين دقيقة في درجة حرارة 60 مئوية. أما بيوض ديدان الأسكاريس فإنها تموت خلال مدة أقل من ساعة عند تعرضها لدرجة حرارة أكثر من 50 مئوية.
إن معظم الأحياء الممرضة يقضى عليها بسرعة عندما تتعرض النفايات أثناء التحويل إلى درجة حرارة قريبة من 55 مئوية. ويمكن القضاء على الأحياء الممرضة نتيجة وصول درجة الحرارة في النفايات إلى حوالي 70 مئوية لمدة ساعتين فقط.
ز ـ ضبط الرائحة: تنتج أغلب مشاكل الرائحة في عمليات التحويل إلى كومبوست بسبب تطور ظروف لا هوائية ضمن كتلة النفايات أثناء تحللها. ومن الشائع وجود قطع من المجلات أو الكتب ، و بلاستيك في النفايات المعدة للتحويل. هذه المواد تحتاج إلى فترة طويلة حتى تتحلل، وعلاوة على ذلك فإن الأكسجين يكون غير كافي في مركز هذه المواد وستنشأ ظروف لا هوائية يرافقها إنتاج حموض عضوية العديد منها له رائحة قوية. لتقليل مشاكل الرائحة يلزم تقليل أبعاد المواد المعدة للتحويل وإزالة البلاستيك والمرفوضات الأخرى غير القابلة للتحلل.
ح ـ احتياجات الهواء: في العمليات المصحوبة بتهوية قسرية مثل الأكوام الساكنة المهواة والمفاعلات البيولوجية، يكون احتياج الهواء الكلي ومعدل تدفق الهواء معاملان أساسيان في التصميم. وسنبين طريقة تحديد احتياج الهواء في التحويل إلى محسنات التربة.
باهمال وجود الكبريت فإن المواد العضوية المعدة للتحويل إلى كومبوست تعطى بالصيغة CaHbOCNd ، وباعتبار أن المنتوج النهائي يعطى بالصيغة CwHxOyNz فإن كمية الأكسجين اللازمة لتحقيق التثبيت الهوائي للمكونات العضوية في النفايات الصلبة البلدية يمكن تقديرها باعتماد المعادلة التالية:
CaHbOCNd + 0.5(ny+2s+r-c) O2 ® CwHxOyNz + s CO2 + r H2O + (d-nx) NH3
حيث
r=0.5(b-nx-3(d-nz))
s=a – nw
إذا تم التحويل الكامل للمادة العضوية فإن الصيغة الموافقة هي:
CaHbOCNd + (a+0.25b-0.5c-0.75d) O2 ® a CO2 + (0.5b-1.5d) H2O + d NH3
في كثير من الحالات يتأكسد النشادر الناتج إلى نترات وتدعى هذه العملية بالنترجة.