مقدمة
إن الغرض من هذه الضوابط والإرشادات هو تطبيق الأسس العلمية للتخلص من النفايات الصلبة التي يتنامى إنتاجها في المملكة العربية السعودية بصورة مستمرة نتيجة الجهود التنموية المستمرة وارتفاع معدل الزيادة السكانية ومعدل انتاج الفرد من النفايات ، مما يجعل التخلص منها بطريق بيئية سليمة أمر بالغ الأهمية. وتعتبر طريق الدفن الصحي للنفايات أفضل الطرق بيئياً واقتصادياً للتخلص من النفايات في المملكة ولا غنى عنها حتى في حالة استخدام البدائل الأخرى المتاحة لمعالجة والتخلص من النفايات مثل الحرق الآلي واسترجاع المواد وإعادة استخدامها ، حيث أن جميع هذه البدائل لها مخلفات لا بد من دفنها.
والمدفن الصحي للنفايات هو مشروع إنشائي يتم اختيار موقعه وفق معايير محددة ويتم إنشاؤه وفق تصميم هندسي ومخططات ومواصفات مفصلة ويتم تشغيله وقفله وفق خطة محددة ويوضع غرض استخدامه بعد قفله في الاعتبار عند التصميم ، ويمكن إنشاء المدفن الصحي للنفايات في أي موقع ذو طبوغرافية معينة بتصميم ومخططات ومواصفات تتوافق مع طبيعته مما يجعل كل مدفن يختلف عن الآخر.
وتحدد هذه الوثيقة بشكل عام الضوابط والإرشادات الفنية الضرورية لاختيار موقع الدفن الصحي للنفايات البلدية الصلبة وتصميمه وتشغيله وقفله ، ولابد من الإشارة هنا إلى أن عمليات اختيار موقع الدفن ووضع التصاميم اللازمة له وتشغيله وقفله عمليات مترابطة تعتمد كل منها على الأخرى ، فطبيعة الموقع الذي يتم اختياره تحدد متطلبات تصميمه ، وتصميمه يحدد خطة وعمليات تشغيله التي بدورها تحدد خطة قفله.
الفصل الأول
1. معلومات ضرورية حول الدفن الصحي للنفايات :-
إن العوامل الأساسية التي يجب أن توضع في الاعتبار عند التفكير في إنشاء موقع للدفن الصحي للنفايات تشمل السوائل التي ستنتج عن المدفن (Leachate) ، وتصريف مياه السيول عن موقع المدفن ، والغازات التي ستنتج عن تحلل النفايات ، والروائح ، والضوضاء ، والغبار ، والحرائق ، والحشرات الناقلة للأمراض ، والحيوانات التي تبحث عن طعامها في النفايات ، واستخدامات الأرض ، والنواحي الجمالية.
1. السوائل الناتجة من المدفن(Leachate) :-
ينتج عن موقع الدفن الصحي سوائل (Leachate) تعزي لعدة عوامل منها تحلل المواد العضوية الذي ينتج عنه ماء وأحماض عضوية ، ومياه الأمطار التي تسقط على المدفن مباشرة ، ومياه السيول التي تتدفق عليه ، وارتفاع منسوب المياه الجوفية ، وهذه المياه تتخلل النفايات وتتشبع بالميكروبات والمعادن الثقيلة والملوثات الأخرى ، وإذا تسربت إلى داخل الأرض فإنها تحمل هذه الملوثات إلى طبقة المياه الجوفية وإذا جرفت بواسطة مياه السيول فإنها تلوث مصادر المياه السطحية مما يعرض البيئة والصحة العامة لتأثيرات سلبية .
2. الغازات الناتجة من المدفن :-
تتولد داخل المدفن غازات عدة ، بجانب الماء والأحماض العضوية ، نتيجة تحلل المواد العضوية بفعل البكتيريا الهوائية واللاهوائية ، وتعتمد كمية ونوعية الغازات على تركيب النفايات والعوامل المؤثرة على سرعة تحللها ، ففي بداية تشغيل المدفن يتكون غاز ثاني أكسيد الكربون وكميات ضئيلة من غازات أخرى ، ثم بعد ذلك تزداد نسبة ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان. وتتراوح نسبة غاز الميثان من 60 – 65% من الغازات المنتجة ، وإذا كانت الأرض المحيطة بالمدفن جافة وذات مسام أو شقوق في طبقاتها فإن هذه الغازات تتسرب إلى الأراضي المجاورة وتضر بالنباتات ، إذ أن غاز الميثان يحل محل الأكسجين حول جذور النباتات ويسبب موتها وقد يتسرب غاز ا لميثان إلى المباني المجاورة ويتسبب في انفجارها إذا تجاوزت نسبته 5%.
3. الروائح الكريهة :-
من المتوقع أن تصدر الروائح الكريهة من موقع المدفن وبالذات من النفايات في منطقة التشغيل قبل تغطيتها أو من النفايات التي تم دفنها دون تغطيتها بصورة سليمة وما زالت في حالة تحلل حيث تصدر عنها غازات ذات روائح كريهة مثل ثاني أكسيد الكبريت ، وقد تصدر الروائح الكريهة أيضاً من بعض النفايات الخاصة التي ترد إلى المدفن مثل جيف الحيوانات . كما أن السوائل الناتجة عن المدفن قد تكون مصدراً لهذه الروائح .
4. الضوضاء :-
تصدر الضوضاء عن الآليات العاملة في المدفن وسيارات نقل النفايات ، وتنحصر الضوضاء في موقع المدفن والطرق المؤدية له.
5. الغبار :-
يمكن أن يتصاعد الغبار نتيجة حركة سيارات نقل النفايات في الطرق الداخلية غير المسفلتة للمدفن ومن عمليات الحفر بالموقع خاصة في حالة هبوب الرياح ، وينحصر تأثير الغبار في منطقة المدفن وقد تتأثر المواقع القريبة منه .
6. الحريق :-
تشتعل الحرائق في مدافن النفايات عادة إما بفعل فاعل أو نتيجة وجود رماد ساخن في إحدى الشحنات التي تصل إلى موقع المدفن أو صدور شرر من إحدى ناقلات النفايات أو معدات المدفن أو نتيجة ارتفاع نسبة غاز الميثان وارتفاع حرارة الطقس. ولا شك أن اشتعال النار في النفايات يتسبب في تلوث الهواء بالدخان المتصاعد وتضرر السكان في المناطق القريبة من المدفن مما يؤدي إلى مطالبتهم بقفله.
7. الحشرات والقوراض :-
يجذب مدفن النفايات الذباب والفئران وبعض الهوام الأخرى الضارة والناقلة للمرض التي تجد في المدفن الطعام والمأوى للتوالد إذا لم يتم ضغط النفايات جيداً وتغطيتها أولاً بأول وبصورة سليمة.
8. الحيوانات :-
يجذب المدفن أيضاً الحيوانات البرية والسائبة بحثاً عن الطعام في النفايات التي لا تخلو من التلوث مما يعرضها للمرض والموت وربما ينتقل المرض للإنسان إذا كانت هذه الحيوانات مصدر غذائه أو لصيقة به.
9. استخدامات الأرض :-
يجب أن تؤخذ استخدامات الأراضي المجاورة للموقع الذي سينشأ فيه المدفن في الاعتبار وكذلك الاستخدام المستقبلي لموقع المدفن نفسه حيث ستتأثر هذه المواقع بالغازات التي ستنتج من المدفن .
10. النواحي الجمالية :-
يجب مراعاة النواحي الجمالية عند إنشاء أو تشغيل المدفن الصحي للنفايات والحد من تطاير النفايات والرمي العشوائي لها داخل المدفن أو حوله أو في الطرق المؤدية له حيث أن ذلك بجانب الضرر البيئي قد يتسبب في كثرة شكوى السكان المجاورين وممارسة ضغوط لقفل المدفن.
الفصل الثاني
2. إرشادات لاختيار موقع الدفن الصحي للنفايات :-
إن اختيار موقع لإنشاء مدفن صحي للنفايات يتطلب أخذ عدة عوامل في الاعتبار ، بعض هذه العوامل يمكن قياسه مثل مساحة الموقع ، ومدى توفر التربة به ، وبعد طبقة المياه الجوفية وبعضها يعتمد على التقدير المبني على الخبرة والمعرفة الجيدة للظروف الاقتصادية والاجتماعية المحلية والاعتبارات الرسمية .
1. الخصائص الضرورية لموقع الدفن الصحي للنفايات :-
يعد المدفن الصحي للنفايات منشأة مستديمة ولذلك فإن اختيار موقعه يجب أن يتم بعناية فائقة، والخصائص الضرورية التي يجب أن تتوفر في موقع الدفن الصحي ما يلي :-
o أن يكون الموقع منسجماً مع استخدامات الأرض الحالية والمستقبلية في المنطقة .
o أن يكون الوصول إليه سهلاً في جميع فصول السنة.
o أن تتوفر به التربة الكافية لتغطية النفايات.
o أن لا يتسبب في تلوث أي مصدر للمياه .
o أن لا يضر بأي موارد طبيعية هامة.
o أن يكون مقبولاً من السكان المجاورين .
o أن تكون مساحته كافية لاستيعاب النفايات المنتجة من المنطقة المخدومة .
o أن لا يكون مكلفاً اقتصادياً .
o أن يكون في عكس اتجاه الريح السائدة في المنطقة.
2. عملية اختيار الموقع :-
إن عملية اختيار موقع لإنشاء مدفن صحي للنفايات ليست بالعملية السهلة وإيجاد أفضل المواقع يتطلب وضع منطقة جغرافية كاملة في الاعتبار واستبعاد المواقع غير المناسبة وفق أسس محددة ، ثم إجراء مفاضلة بين المواقع المتبقية بناءً على مميزات كل منها وتحديد المواقع الأكثر ملائمة وإجراء الدراسات اللازمة لها لاختيار أفضلها من الناحيتين الفنية والاقتصادية.
1. استبعاد المواقع غير المناسبة :
إن عملية استبعاد المواقع غير المناسبة تتطلب المعرفة الكافية بالمنطقة والمسح والدراسة المكثفة لخرائط منطقة البحث والأنظمة واللوائح الخاصة باستخدامات الأرض ، ومن المواقع التي يجب أن يتم استبعادها ما يلي :-
1- المواقع المجاورة لأراضي مخططة لأغراض تنموية مثل مناطق التوسع العمراني والتجاري والزراعي حيث يجب أن يكون مدفن النفايات على بعد معقول عن مثل هذه المواقع.
2- الأودية والشعاب ومجاري السيول ، حيث أن وضع مدفن النفايات بها يعرض المياه الجوفية للتلوث نتيجة تسرب السوائل الناتجة عن المدفن إلى باطن الأرض خاصة وأن بطون هذه الأودية والشعاب تمثل مصادر هامة للمياه الجوفية ، أو قد تتسبب السيول في جرف النفايات وتلويث مصادر المياه السطحية أسفل الوادي أو الشعيب .
3- المواقع ذات المياه الجوفية العالية المنسوب خاصة في المناطق التي تستخدم فيها هذه المياه للزراعة أو كمصدر لمياه الشرب ، وعموماً يجب عدم إنشاء مدفن النفايات في موقع يقل فيه بعد سطح المدفن عن منسوب المياه الجوفية عن (10) عشرة أمتار إلا بعد اتخاذ إجراءات مناسبة تبعد احتمال تلوث هذه المياه.
4- المواقع ذات الانحدار الشديد الذي يزيد عن 15% ، والأمثل اختيار موقع المدفن في أرض مسطحة أو ذات انحدار معقول حيث أن ذلك يسهل عمليتي تصميم المدفن وتشغيله.
5- المناطق التاريخية الأثرية والمناطق الطبيعية المحمية.
2. المفاضلة بين المواقع المناسبة :
بعد استبعاد المواقع غير المناسبة وفق الأسس الموضحة في البند (1) وتحديدها في خارطة المنطقة تجري المفاضلة بين المواقع الأخرى المتبقية لاختيار أكثرها ملائمة لإنشاء المدفن الصحي للنفايات ، وتبنى عملية المفاضلة أيضاً على الظروف المحلية والمعرفة الكافية بالمنطقة والدراسة والمسح والخرائط المفصلة وخواص المواقع ، وبرغم أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحلية وبعض الاعتبارات الرسمية تؤثر كثيراً في اختيار الموقع الأنسب مما يجعل قواعد المفاضلة بين المواقع تختلف كثيراً من منطقة إلى أخرى وتحدد القواعد التالية الحد الأدنى لتقييم المواقع المناسبة والمفاضلة بينها :-
1- توفر تربة التغطية : إن الموقع الذي تتوفر به التربة المناسبة والكافية لتغطية النفايات خلال فترة تشغيل المدفن يجب أن يحظى بدرجة أعلى من الموقع الذي تتوفر به تربة غير مناسبة أو غير كافية أو يتطلب تشغيله جلب تربة من موقع آخر.
2- نوعية تربة الموقع : إن الموقع الأفضل لإنشاء المدفن الصحي للنفايات هو ذو التربة الطينية أو الجيرية لضعف مساميتها مما يقلل من تسرب سوائل المدفن إلى المياه الجوفية والغازات إلى المناطق المجاورة ، كما أن للتربة دور هام في عمليات تشغيل المدفن حيث أنها مادة تغطية النفايات ، فالتربة الجيدة تمنع انبعاث الروائح من المدفن وتقلل من تعرية النفايات المدفونة وبعثرتها بفعل الرياح ، وتمنع الذباب الذي يدفن في أطواره الأولى مع النفايات من الخروج بعد أن يكتمل نموه .
3- سهولة الوصول للموقع : إن الموقع الأفضل هو الذي يمكن الوصول إليه تحت كل الظروف المناخية ، ويفضل الموقع الذي يقع بالقرب من طريق معبد يتحمل حركة سيارات نقل النفايات ، والموقع الذي يتطلب إنشاؤه طريق طويل يجب أن يكون أقل درجة عند المفاضلة من الذي يتطلب إنشاء طريق قصير .
4- البعد عن موقع انتاج النقايات : إن بعد موقع مدفن النفايات عن موقع انتاجها له تأثير مباشر على تكلفة جمع النفايات والتخلص منها ، ومن هذه الناحية فإن الموقع الأقرب لمصدر إنتاج النفايات ويفي بالمتطلبات البيئية يجب أن يحظى بدرجة أعلى عند المفاضلة.
5- ملكية الأرض : في مرحلة المفاضلة بين المواقع المناسبة يجب أن تؤخذ ملكية الأرض في الاعتبار ، وتفضل الأرض التي تتبع للبلدية أو للدولة بشكل عام على المملوكة لفرد أو جهة حيث أن تكلفة شرائها تزيد من تكلفة إنشاء المدفن .
6- إمكانية حجب المدفن : إن السكان عادة لا يرغبون في رؤية مدافن ا لنفايات ، ولهذا يفضل أن يكون موقع المدفن غير مشاهد من الطرق الرئيسية أو من موقع مخصص لتنمية عمرانية أو لأغراض أخرى.
7- التعرض للرياح : إن هبوب الرياح على موقع مدفن النفايات يؤثر سلباً على عمليات تشغيله ، ولذلك فإن الموقع الذي يتميز بحماية طبيعية من هبوب الرياح يجب أن يفضل على الموقع المكشوف ، وفي المناطق التي لا يمكن فيها تفادي مشاكل الرياح فإن كبس النفايات في بالات قبل دفنها يمثل حلاً مناسباً ، كما يفضل الموقع الذي يقع عكس اتجاه الرياح بالنسبة للعمران لتفادي مشاكل الروائح.
8- مساحة الموقع : حتى لا يتكرر انتقال المدفن خلال فترات قصيرة يجب أن تكون مساحة المدفن كافية لاستيعاب النفايات المنتجة من المنطقة المخدومة لفترة طويلة ، والفترة المثالية لعمر المدفن لا تقل عن عشرين عاماً ، وإذا تساوت عوامل الاختيار في أكثر من موقع يجب أن يتم اختيار الموقع الأكبر مساحة .
3. الاعتبارات الاقتصادية :
إن الاعتبارات الاقتصادية الأساسية التي يجب مراعاتها عند القيام بعملية اختيار موقع الدفن الصحي للنفايات تتمثل في الآتي :
0. قيمة الأرض :
إذا كان الموقع الأول في ترتيب الأفضلية مملوكة لشخص أو جهة فإن تكلفة حيازة هذه الأرض ستدخل ضمن تكلفة إنشاء المدفن ، وهذه التكلفة تمثل عاملاً حاسماً في الاختيار حيث إذا لم يتوفر البند الكافي لشراء الأرض المطلوبة يمكن اختيار الموقع الثاني أو الثالث في الترتيب .
1. تكلفة الإنشاء والتشغيل :
إن طبيعة الموقع تؤثر تأثيراً مباشراً على تكلفة إنشاء وتشغيل المدفن ، وتشمل التكلفة في العادة تجهيز الموقع وإنشاء المرافق اللازمة به وعمليات الحفر وتوفير تربة التغطية وتوصيل النفايات إلى الموقع وعمل نظام للتحكم في مياه السيول به وإنشاء وصيانة الطريق الموصل إليه وتمهيد وصيانة طرقه الداخلية ، لذا فإن الموقع الذي تؤدي طبيعته إلى تكلفة إنشاء وتشغيل أقل يجب أن يحظى بدرجة أعلى عند المفاضلة بين المواقع المناسبة .