يعرف المنتج الأنظف بأنه التطبيق المستمر لاستراتيجية وقائية متكاملة تشمل عمليات الإنتاج والخدمات من أجل تحقيق فوائد في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية وكذلك السلامة المهنية والبيئة .
لقد كان تطوير صناعة المنتج الأنظف ولا يزال أحياناً في صلب النقاش الذي يدور حول الإدارة البيئية منذ عدة سنوات واليوم هناك شواهد متزايدة أن الأعمال الصناعية وكذلك الحكومات تدرك أن منع التلوث والمحافظة على الموارد هي أكثر الطرق فاعلية في تحقيق بيئة نوعية
إذا أخذنا عدة نماذج لشركات عالمية من حيث تبنيها لمثل هذا البرنامج شركة داو الكميائية (DOW) وقد اندمجت معها شركة يونين كاربيد (Union Carbide ) أخيراً قد أصبحت واحدة من الشركات العالمية في البتروكيميائية ، وعندما تبنت هذه الشركة ( DOW) مبادرتها المسماة تخفيض النفايات أعطاها صدارة في هذا البرنامج لكن يعود نجاح هذا البرنامج في شركة داو إلى التزام إدارة الشركة العليا مع إشراك العاملين في الشركة من الوصول إلى الأهداف المنشودة في تخفيض النفايات وبالمقابل نعتقد أن نجاح هذا البرنامج ليست القوانين والتشريعات لأن التشريعات تهتم بالمعايير البيئية التي سنتها وهو ما يخص معايير جودة الهواء والمياه والتربة , لكن الدافع الرئيسي لمثل هذه المبادرات هو الجانب الاقتصادي وهو استخدام المواد الخام والمرافق العامة كاستخدام المياه والكهرباء والغاز والبترول وغيرها إذ أن هذه المواد قد تزداد كلفتها مع مرور الوقت ولهذا قد يكون الدافع الحقيقي لتبني مثل هذا البرنامج اقتصادي ثم بيئي وهناك أمثلة من شركات عدة في بعض الدول النامية
يقول الرئيس التنفيذي الأول في مجموعة غرازم (Grasim) من المعروف جيداً أن استهلاك المواد الخام والطاقة والعمالة في قطاع صناعتنا ( أي النسيج الثقيلة ) هو أعلى مما هو عليه في الدول الأخرى وهذا لا يجعل منتجاتنا أكثر تكلفة بكثير فحسب بل يجعلها كذلك تظهر على حقيقتها في استهداف مواردنا بأسرع من غيرها من ناحية وفي تلوث البيئة من ناحية أخرى وإذا ذهبنا إلى نتائج تطبيق مثل هذا البرنامج فإن هناك الكثير من المزايا والأهداف التي حققها البرنامج كانت بزيادة في الإنتاج لا تقل عن 20% مع السمعة البيئية التي نالتها الشركة بين مجموعة الشركات العاملة في نفس المجال
1- تطبيق مفهوم الإنتاج الأنظف يمر بثلاث خطوات :
أ) عملية الإنتاج :
في هذه الخطوة التي نرى أهميتها وهي المحافظة على المواد الخام والماء والطاقة ومعروف في أبجديات الصناعة أن هذه المواد تلعب دوراً مهماً في تحديد أسعار المنتج ولذلك فإن أي وسيلة يمكن تحقيقها أثناء تطبيق البرنامج سوف يحـقق أرباحاً بالإضافة إلى المحافظة على الموارد التي قد تهدر أثناء عمليات التصنيع
ويصاحب هذه العملية إزالة المواد السامة والخطرة ثم العمل على تقليل النفايات والمواد المنبعثة ويكون تقليل ذلك من المصدر ويلزم من هذا مراجعة سير عمليات الإنتاج ومراجعة ظروف التشغيل ومراقبة المواد التي تلعب دوراً في زيادة أو تقليل النفايات , وتعتبر عملية الإنتاج أهم خطوة في تبنى برامج المنتج الأنظف
ب) المنتج :
إن معرفة الدورة الحياتية Life Cycle للمنتج والعمل على تقليل الأثار البيئية والصحية يعتبر طريقة لتفسير ومقارنة الانبعاثات البيئية ومتطلبات الموارد اللازمة لمختلف خيارات المنتج ورغم أن هذه الطريقة موجودة منذ أكثر من عشرين عاماً إلا أنها لم تحظ بالاعتراف إلا في أواخر الثمانينات الأمر الذي يعكس تزايد الوعي حول الآثار العامة لخيارات الأفراد من المستهلكين وقد اعتبرت هذه الطرق في كلا البرنامجين البيئيين المعروفين العناية المسئولة ونظام الإدارة البيئية في أي منتج أصبحت تمثل عاملاً من عوامل قبول المنتج تسويقياً إذ أن المادة المنتجة والتي خالية من الآثار البيئة والصحية تفضل على غيرها ويفوق نظيراتها لدى قطاع المستهلكين الذي يولون البيئة بعداً هاماً في حياتهم وقد جنت شركات عالمية أرباحاً طائلة نتيجة لتبنيها لمثل هذه السياسات
ج ) الخدمات :
إن تقديم الخدمات التي تتعلق بالمنتج من حيث تخزينه ونقله إلى الأسواق المحلية والعالمية حتى وصوله لدى المستهلك النهائي يعتبر خدمة هامة في تسويق المنتج ولهذا يجب ملاحظة وضع الاعتبارات البيئية عنصراً هاماً في الخطوات التي يتم في ضوئها تقديم الخدمات 0 ولعلنا نذكر أن المنظمات الدولية قد دعمت هذا البرنامج بشتى الوسائل رغبة منها في تبني الدول والشركات لهذه الصناعة وقد صدر الإعلان العالمي للإنتاج الأنظف الذي يتضمن أهم العناصر التالية:
1) القيادة :
استخدام نفوذنا ثم تشجيع تبني ممارسات الاستهلاك والإنتاج المستدام من خلال علاقتنا مع الإدارات المعنية ويعني هذا أن الإدارة العليا سواء في مستوى الدول أو الشركات هي التي تعطي مثل هذا الدعم لتبني هذه الصناعة واستغلال العلاقات بين الجهات ذات العلاقة لتغير خطوات هذا البرنامج إن هذه الخطوات تعتبر المدخل الأساسي والرئيسي للتبني ، ونحن إذا نظرنا إلى مراكز الإنتاج الأنظف في الدول النامية نراها قليلة مقارنة بغيرها وإذا وجدت فإنها قد لا تحظى بنفس الدعم والمساندة
2) التوعية والتربية والتدريب :
مثل هذه البرامج فعلى مستوى المصانع يحتاج إلى توعية شاملة لمختلف شرائح المنشآة على مستوى المديرين التنفيذيين ثم العاملين بالشركة على مختلف مستوياتهم هذه التوعية والتدريب عامل مهم لنجاح الـبرنامج وتطبيقه
يقول المدير الإداري لمجموعة شركات كاندرا أن العامل الرئيسي في إحراز النجاح في هذا البرنامج هو التثقيف المكثف المستمر للإدارة والهيئة العاملة لزيادة وعيهم البيئي , على أن برامج التوعية البيئية تحقق أهدافاً أخرى كثيرة فعلى سبيل المثال عندما أوردت مجلة " Outside " خـبراً مفـاده أن ( Hawken ) يتثاقل فيما يتعلق بتقنية أخشاب مايتيمار ( منطقة يجلب منها الخشب ) وإزاء احتمال قيام ردة فعل من الزبائن ضد منتجات للأخشاب الاستوائية قامت Hawken A Smith بمبادرتين أحدهما في قيام الشركة بحملة لتوعية الجمهور في أوساط المحافظة على الموارد الطبيعية ووضعت بين أيديهم المعلومات التي قامت بجمعها وأسلوب إدارتها والتعامل معها وإظهار دورها البيئي في ذلك بناءً عليه نالت الشركة Hawken A Smith جائزة الرعاية البيئية من مجلس الأوليات الاقتصادية ولذلك تعتبر قضية التوعية والتدريب من البرامج البيئية ذات الأهمية القصوى في تحقيق الأهداف التي يضعها المخططون وتبرز أهميتها في برنامج صناعة المنتج الأنظف الذي يحتاج للكثير من الأفكار وشحذ العقول من داخل المؤسسة ومن خارجها حيث يحتاج إلى التفكير في الأساليب المراد تطبيقها لتحقيق المردود الاقتصادي والبيئي في آن واحد وهذا لا يتأتي لكل فكرة يراد تطبيقها
دورة حياة المنتج :
في إحدى ورش العمل التي استضافتها الجمعية الأمريكية لعلم السميات البيئية والكيميائية
تم مناقشة تحليل لدورة الحياة ( (Life Cycle وقد تم تحديد ذلك على النحو التالي :
أ- أن هناك قائمة من الانبعاثات البيئية واستهلاك الموارد عند كل مرحلة من مراحل دورة حياة المنتج بما في ذلك المواد الخام ومعالجتها والتوزيع واستعمال المستهلكين والتخلص من هذه المواد واحتمال إعادة استعماله
ب- قياس وتقيم الآثار البيئية للانبعاثات وإعادة إستعمال الموارد متى كان ذلك ممكنا
ج - تقييم الفرص المتاحة لإجراء التحسينات
ويعتبر تطبيق مثل هذا البرنامج عاملاً مهماً في تسويق السلع وسوف يلعب دوراً مهماً في المستقبل حيث أن وعي الجمهور بالقضايا البيئية أصبح في تنامي مما يؤهل قطاع المستهلكين في اختيار مواد صديقة للبيئة